الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية التحـرش الـجنســي في تونس: القطارات والمترو والحافلات هـــي الــــكـمـيـن الأكـبـر

نشر في  17 أوت 2016  (11:06)

 مثّل التحرش الجنسي ضد المرأة هاجسا مرضيا تعاني منه أغلب دول العالم سواء المتقدمة منها أو النامية نظرا لارتباط هذه الظاهرة بحالات مرضية نفسية تصيب مرتكبيها علاوة على تركيز بعض المجتمعات خاصة العربية أرضية خصبة لنمو وتفاقم هذه الآفة بسبب عدم تسليط المجهر عليها والتحسيس بخطورة انعكاساتها وذلك لما يعتبرونه سترا وكتمانا ل»طابوهات» مسكوت عنها ولا يجدر الحديث حولها..
ورغم أن تونس كانت من أوائل الدول العربية التي جرمت التحرش الجنسي ضد المرأة، إلاّ أنّ جذور هذه الآفة لم تقطع من أوصال مجتمعنا..

ولعل الشهادة المفزعة  التي نشرها المواطن التونسي الذي يدعى أحمد الصالحي عن اعتداء جنسي استهدف إحدى الفتيات بالميترو بحر الأسبوع الفارط والذي أثار موجة حادة من الاستياء في صفوف التونسيين، لعلها أعادت ملف التحرش الجنسي إلى الواجهة رغم المصادقة مؤخرا على مشروع القانون الأساسي المتعلق بالقضاء على العنف ضدّ المرأة القاضي  بالعقاب بالسجن مدة عام، لكل من يعمد إلى مضايقة امرأة في مكان عمومي، بكل فعل أو قول أو إشارة من شانها أن تنال من كرامتها أو تخدش حياءها.

شهادة صاعقة...

شهادة المواطن أحمد الصالحي التي ذكرناها سابقا والتي ارتأينا في أخبار الجمهورية إعادة نشرها نظرا للوقع الكبير الذي أحدثته في نفوس التونسيين نظرا لبشاعتها والتي جاء فيها انّ فتاة لفتت انتباهه أثناء ركوبها لوسيلة النقل العمومي «المترو» وتحديدا رقم 2 وذلك بسبب تبيّن تعرضها لعملية تحرش جنسي مقززة تركت آثارها على ملابسها..
وأضاف الشاب في ذات شهادته انّه وبمجرد إعلام الفتاة بما تعرضت إليه أصابتها نوبة حادة من البكاء نتيجة لفعل الصدمة والخجل، مشيرا إلى أن الموظف المراقب في «المترو»  اصطحبها إلى مركز الأمن التابع للمنطقة التي استقلت بها المترو لتقديم شكاية في الغرض..
وقد ختم الشاب شهادته التي نشرها على صفحته الخاصة بموقع الفايسبوك بعبارة «يحدث في تونس».

مفهوم التحرش الجنسي وكيفية إثباته...

يعرّف الفصل 226 ثالثا من المجلّة الجزائية مفهوم التحرّش الجنسي بالإمعان في مضايقة الغير بتكرار أفعال وأقوال وإشارات ذات طبيعة  جنسية من شأنها أن تنال من كرامته أو تخدش حياءه وذلك بغاية حمله على الاستجابة لرغباته أو رغبات غيره الجنسية أو بممارسة ضغوط عليه من شأنها إضعاف إرادته على التصدي لتلك الأفعال..
والتعريف القانوني للتحرش الجنسي واسع النطاق ولكنه في نفس الوقت يحدد معايير ضرورية لإثبات الجريمة وهي كما عددها المحامي إدريس بن حسين في تصريحات إعلامية: «التكرار في المضايقة والتصرف بالأفعال والأقوال وحتى الإشارات والغاية الجنسية لإشباع رغبة الشخص متعمّد التحرش أو رغبة الغير».
 وعن إمكانية إثبات التحرش أورد بن حسين أنه «يتم عادة الرجوع إلى وسائل الإثبات العامة في المادة الجزائية من شهادة شهود واعتراف وغيره، إلا أن هذه المسالة تطرح إشكالية على مستوى صعوبة الإثبات وذلك في صورة وقوع التحرش الجنسي بالأقوال. ففي هذه الحالات يمكن الالتجاء إلى الوسائل التكنولوجية الحديثة من تصوير وتسجيل صوتي، ويبقى الأمر خاضعا لاقتناع وجدان المحكمة في كل الأحوال».

عقوبات التحرش الجنسي بالمرأة في تونس

تجدر الإشارة إلى انّ من الفصول الجديدة التي اقترحها  مشروع القانون الأساسي المتعلق بالقضاء على العنف ضدّ المرأة، لتعديل المجلة الجزائية (الفصل 226 ثالثا جديد)، هي العقاب بالسجن مدة عامين وبخطية قدرها خمسة آلاف دينار لمرتكب التحرش الجنسي..
كما يعاقب بالسجن مدة ستة أعوام (على معنى الفصل 227 مكرر جديد) كل من واقع أنثى برضاها سنها دون ستة عشر عاما كاملة.
ويعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام كل من واقع أنثى برضاها سنها فوق الستة عشر عاما كاملة ودون الثمانية عشر عاما كاملة.
 وضمن باب الإجراءات والخدمات والمؤسسات، أكد مشروع القانون على أن يكلف وكيل الجمهورية مساعدا له أو أكثر بتلقي الشكاوى المتعلقة بالعنف ضد المرأة ومتابعة الأبحاث فيها إلى جانب تخصيص فضاءات مستقلة داخل المحاكم الابتدائية تضم القضاة المختصين بقضايا العنف ضد المرأة على مستوى النيابة العمومية والتحقيق وقضاء الأسرة مع إحداث وحدة مختصة بالبحث في جرائم العنف ضد المرأة، بكل منطقة أمن وطني وحرس وطني في كل الولايات ويجب أن تضمّ من بين عناصرها نساء (الفصول 21 و 22 و 23).

حقائق صادمة..

وفق دراسة حول العنف المبنى على النوع الاجتماعي في الفضاء العام بتونس أجريت بين 2011 و 2015 تتعرّض 53.5 بالمائة من النساء إلى أحد أشكال العنف بجميع أنواعه الجنسي والنفسي والجسدي وذلك في الفضاء العام في تونس..
 وتوصلت الدراسة التي أنجزها مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة الكريديف بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين إلى أن 75.4 بالمائة من النساء يتعرضن إلى العنف الجنسي على غرار التحرش ومحاولة اللمس أو الإيحاء أو المضايقات الكلامية وغيرها علما وأن الدراسة شملت عينة مكونة من 3873 مستجوبا من النساء والرجال موزعة على مختلف أنحاء الجمهورية تراوحت أعمارهم بين 18 و 64 سنة.

ما حكاية التحرّش في وسائل النقل المشترك؟

ذات الدراسة كشفت انّ وسائل النقل المشترك تسجّل أعلى نسبة عنف جنسي تكون ضحيتها المرأة حيث أكدت 91.2  بالمائة من المستجوبات تعرضهن لهذا الشكل من العنف في حين بلغت نسبة من أكدن أنهن تعرضن للعنف الجنسي في الشارع بنسبة 61 بالمائة.
أما بالنسبة للعنف الجسدي في الفضاء العام فقد أفادت الدراسة أن 41.2 بالمائة من المستجوبات تعرضهن للعنف الجسدي على غرار الدفع والعض والمضايقة والضرب والتهجم 8 بالمائة من هذه الأعمال يأتيها سائقو وسائل النقل المشترك أو القباض وترفض 82 بالمائة من ضحايا هذا الشكل من العنف تقديم شكوى ضد المعتدى مقابل 18 بالمائة فقط تقدمن فعليا بشكوى.

تـوصـيــــات...

وخلصت الدراسة التي نقلتها وكالة تونس إفريقيا للأنباء إلى جملة من التوصيات أهمها ضرورة التشجيع على كسر الصورة النمطية وتطوير صورة ايجابية والتعريف بالعنف بأشكاله والتشجيع على كسر حاجز الصمت والتنديد بأفعال المعتدين، فضلا عن دفع مؤسسات الدولة إلى حماية المرأة في الفضاء العام وإحياء القيم المجتمعية التي تقوم على احترام الآخر وقبول الاختلاف والعمل على تأسيس صورة جديدة للفضاء العام تقوم على العيش المشترك ومبادىء المواطنة والمساواة.

عوامل خاصة بالـمتحرشين جنسيا..

ويشير بعض مختصي الطب النفسي الجنائي إلى وجود عوامل خاصة ترتبط بالمتحرشين جنسيًا وتشمل:
- وجود تاريخ سابق من التحرشات الجنسية.
- وجود تاريخ إجرامي سابق.
- انخفاض تقدير الذات.
- انخفاض شديد في القدرة على التعاطف مع ضحايا التحرش.
- التعرض إلى اعتداءات جنسية في الصغر.
- وجود نوع من العزلة الاجتماعية للمتحرش.
- وجود خلل إدراكي يؤدي إلى اعتقاد المتحرش بموافقة الضحية.
- وجود تاريخ سابق من الأمراض النفسية.
- عدم الاستقرار المادي والعائلي.
- وجود مشكلات في التحكم في الذات.
- الاستمتاع بإزعاج الآخرين وإهانتهم.

اعداد: منارة تليجاني